"جبيل" اللبنانية: ثاني أقدم مدينة في العالم
مدينة "جبيل" من لبنان هي ثاني أقدم المدن المسكونة في العالم، تقع على الساحل اللبناني، وتبعد نحو 37 كيلومترا شمال بيروت.
يعود تاريخ إنشائها الى عام 5000 قبل الميلاد، فيما أظهرت بعض عمليات التنقيب عن الآثار ان بداياتها تعود الى الألف السادس قبل الميلاد. ولكن المتفق عليه ان "جبيل" مدينة أسسها الفينيقيون، وانطلقت منها احرف الابجدية الى العالم، بينما أطلق اليونانيون عليها إسم "بيبلوس" في الالف الاول ما قبل الميلاد.
تعج هذه المدينة بالكثير من المعالم التاريخية والأثرية والسياحية مثل: المعبد الفينيقي، والقلعة الصليبية، والسور الأثري، والمسرح الروماني، والمدافن الملكية التي تحوي مقابر ملوك جبيل وكنيسة يوحنا المعمدان، فضلا عن بقايا أكواخ تعود الى العصر الحجري، وبقايا القلعة الفارسية والحمامات الرومانية، بالإضافة الى السوق القديم والقلعة البحرية، والمرفأ الذي شهد على التبادل التجاري بين سكان "جبيل" وبين الحضارات القديمة ولا سيما الفراعنة في مصر.
وتنتشر في "جبيل" اليوم العديد من المنتجعات السياحية والفنادق والمطاعم والمتاحف والمقاهي، وتستقطب سنويا اشهر الفنانين العالميين الذين يحييون فيها المهرجانات الدولية، وقد اختيرت عاصمة السياحة العربية للعام 2016.
باختصار، في "جبيل" يجتمع الماضي مع الحاضر، فهي مدينة مرّت عليها الحضارات القديمة، وتركت فيها شواهد على انماط العيش والحياة، لينهل منها كل محبي المعرفة والتأريخ، وتزاوجت في ارجائها الآثارات مع النهضة العمرانية، لتشفي بذلك غليل السياح الباحثين عن سياحة تمتزج فيها المتعة مع المنفعة الفكرية.
جبيل وصيدا وبيروت وصور تصنف ضمن قائمة أقدم 20 مدينة في العالم
نشر موقع صحيفة بريطانيّة مؤخرا تقريراً تضمن قائمة بأقدم عشرين مدينة في العالم، وقد احتلت أربع مدن لبنانية مكانا متميزا لها في هذه القائمة، حيث حلّت "جبيل" في المرتبة الثانية، و"صيدا" في المرتبة السابعة، و"بيروت" في المرتبة العاشرة، و"صور" في المرتبة الثانية عشرة.
وتناول التقرير بعض المعلومات عن هذه المدن، فتحدث عن ان مدينة "جبيل" اللبنانية التي اسسها الفينيقيون كانت مأهولة بالسكان منذ العام 5000 قبل الميلاد، ليطلق اليونانيون عليها لاحقا إسم "بيبلوس".
وتضمّ هذه المدينة الكثير من المعالم السياحيّة، مثل المعبد الفينيقي، والقلعة التاريخيّة، وكنيسة القديس يوحنا المعمدان التي بناها الصليبيون في القرن الثاني عشر، والسور الأثري الذي يعود إلى القرون الوسطى. من أبرز معالمها الحديثة المقاهي التي تنتشر في سوقها القديم، والمهرجانات الدوليّة التي تقام سنوياً وتستقطب أشهر الفنانين العالميين.
أما مدينة صيدا التي احتلت المرتبة السابعة فهي تبعد 25 ميلاً عن بيروت، وتعتبر من أهمّ المدن الفينيقيّة القديمة إذ كانت القاعدة الأساسيّة لنمو التجارة الفينيقيّة في المتوسط. وقد عاش فيها السكان منذ العام 4000 قبل الميلاد، وسميت آنذاك بمدينة "صيدون"، وهي مشهورة اليوم بقلعتها ومينائها وأسواقها القديمة.
ومن صيدا الى بيروت عاصمة لبنان ومركزه الثقافي والإداري والاقتصادي، فقد احتلت المرتبة العاشرة في القائمة. ويعود تاريخ مدينة بيروت إلى أكثر من 5000 سنة، وقد سكنها الأقدمون منذ العام 3000 قبل الميلاد. وما الآثار التي وجدت تحت الأرض فيها الا أكبر دليل على مرور الكثير من الحضارات القديمة عليها، فقد عُثر فيها على آثار فينيقيّة وإغريقيّة ورومانيّة وعربيّة وعثمانيّة. كما ذكرت بيروت في رسائل الفرعون المصري في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
المرتبة الثانية عشرة كانت من نصيب مدينة صور التي سُكنت منذ العام 2750 قبل الميلاد. ومنها خرجت أسطورتا الأميرة أوروبا والأميرة أليسار، إذ يروى ان الأميرة اوروبا خطفها الإله اليوناني زيوس بعدما بُهر بجمالها، ما دفع بأخوتها إلى الذهاب للعثور عليها، فساهموا بنشر الأبجدية الفينيقيّة في أوروبا. أما الأميرة أليسار فهي التي هربت من شقيقها بغماليون الطامع بثروتها وبالاستئثار بالحكم بعد وفاة والدهما، فبنت مدينة قرطاج في شمال أفريقيا. وقد كتب التاريخ عن صمود مدينة صور التي تعرّضت لغزو الاسكندر الكبير عام 332 قبل الميلاد بعدما حاصرها لمدة سبعة أشهر. وتحتوي هذه المدينة على ميدان خيل روماني، والكثير من الآثار، وقد أدرجتها منظّمة الأونيسكو على لائحة التراث العالمي.
يشار أخيرا الى ان هذه المدن الأربعة موضوعة على الخارطة السياحيّة اللبنانيّة، وتجذب كما الكثير من المدن اللبنانية السواح من مختلف أقطار العالم.
كلمة حق في الذكرى الاولى لرحيل اسعد قطيط
أسعد قطيط ليس إسماً للبناني عابر مرّ من حاصبيا في جنوب لبنان، بل هو مَعْلَم سطر التاريخ فيه مجد لبنان وقدراته الفكرية، هو مشعل أضاء بنوره وعلى مدى سنوات طويلة منظمة الطيران المدني الدولي، فساهم من موقعه كأمين عام للمنظمة بين عامي 1970 و1976، ثم كرئيس لمجلس المنظمة من العام 1976 حتى عام 2006 في تطوير قطاع الطيران المدني، وارساء مفاهيم جديدة لوظيفة الطيران المدني على انه وسيلة تحمل السلام بين دول العالم.
هذا اللبناني الأصل والتربية لمع اسمه عاليا، ورفع اسم وطنه ايضا، ونال خلال مسيرته المهنية العديد من الألقاب والأوسمة والمناصب الفخرية، فكان ان منحته جامعة كييف الدولية للطيران المدني دكتوراه فخرية في العلوم عام 1995، ونال في العام 2001 درجة دكتور علوم فخري من جامعة هانكوك للطيران في سيول، في جمهورية كوريا... واللائحة تطول.
قطيط الذي بدأ حياته كمحام في بيروت عام 1948، سرعان ما تولى إدارة الخدمات القانونية والاتفاقيات الدولية والعلاقات الخارجية في المديرية العامة للطيران المدني في لبنان حتى عام 1956، فساهم في تطوير دراسات عن الطيران المدني حتى عام 1964 لما يتمتع به من رؤية ثاقبة، ونجح في تمثيل بلاده في المحافل الدولية خير تمثيل، وارتقى بنشاطه وحكمته الى ان تسلم رئاسة المحكمة الدولية للتحكيم في مسائل الطيران والفضاء منذ العام 1995.
أسعد قطيط الذي كرّس حياته لخدمة منظمة الطيران المدني الدولي، صادف موعد الذكرى الاولى لرحيله مع بدء اجتماعات الدورة 204 لمجلس منظمة الإيكاو. وفي لفتة مميزة من لجنة أصدقاء قطيط وبالتعاون مع منظمة الطيران المدني الدولي، جرى إحياء الذكرى الاولى لرحيله في قاعة الهيئة العامة للمنظمة، في 27 شباط الفائت، بحضور ممثلين عن الدول المشاركة في اجتماعات مجلس المنظمة في مونتريال.
مدير عام الطيران المدني دانيال الهيبي ألقى كلمة لبنان في المناسبة أشار فيها الى أهمية الشراكة والعيش المشترك التي تسود بين اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية والطائفية، ما جعلت منه وطنا فريدا متعدد الحضارات والثقافات والاديان، لدرجة ان قال عنه قداسة الحبر الأعظم الأسبق البابا يوحنا بولس الثاني: " لبنان صغير جدا في مساحته لأن يكون بلدا، لكنه كبير جدا بأبنائه لأن يكون رسالة الى العالم".
واعتبر الهيبي ان اسعد قطيط هو أحد أبناء لبنان الذين تربوا على العيش المشترك والشراكة والحوار وعدم التفرقة، فاستمدّ من القيم التي ارساها أهله فيه حب العطاء والتفاني والصدق والمحبة والاحترام للآخرين طوال حياته في الخدمة العامة، ومسيرته المهنية، فكان نموذجا حيا لأبناء وطنه، ومبدعا في توسيع مساحات التلاقي.
وعن دور قطيط في تعميم ثقافة الحوار على العلاقات الدولية في مجال الطيران المدني، كانت مداخلة لممثل لبنان الرديف في الايكاو القاضي سليمان عيد الذي أكد ممارسة قطيط لـ"ديبلوماسية الطيران"، مستشهدا بقول له: "هناك واجب اخلاقي إلزامي للبحث عن حلول توافقية عند حصول تضارب بين مصالح الدول" كي لا يتحول الاختلاف في وجهات النظر الى نزاعات وصراعات كاملة. ولفت عيد الى ان قطيط وضع نصب عينيه المحافظة على استقلالية المنظمة وحيادها ومصداقيتها، وحرص على ان ينزع عن الخلافات بين الدول الطابع السياسي او العسكري، وانه استوحى من "ديباجة" اتفاقية شيكاغو دورا له كوسيط للسلام بين دول المنظمة طيلة نصف قرن.
وختم عيد بأن طبيعة اسعد قطيط المفعمة بالمحبة وفّرت له عددا لا يحصى من الأصدقاء في وطنه كما في كل دول العالم الذين كانوا يلجأون إليه طلبا للنصح، فكان الرجل الحكيم بآرائه الوازنة دوما، وقال: "انه لفخر لي ولزميلي دانيال الهيبي ان نكون في عداد هؤلاء الاصدقاء".
بعلبك او "مدينة الشمس" هي مدينة لبنانية تقع على مسافة 85 كلم من العاصمة بيروت، في أعلى نقطة من سهل البقاع، أسسها الفنيقيون وتوالت عليها حضارات عديدة مثل الرومان والبزنطينيين وغيرهم، فاشتهرت بآثارها التاريخية.
ويعتبر معبد جوبتير من أهم المعابد التي بناها الرومان، إذ انه مبني من حجارة يصل قياسها الى عشرين مترا، وبجواره معبد باخوس الذي يتميز ببوابته العملاقة التي يبلغ ارتفاعها 13 مترا وعرضها ستة امتار، ومبنى دائري هو معبد فينوس، وتعود بعض هذه المعابد تاريخيا الى مرحلة ما قبل الميلاد.
وفي القرن السادس الميلادي، ضرب زلزال ضخم المنطقة فتهدمت أجزاء من المعابد وبقيت أجزاء أخرى صامدة، سيما وان حجارة القلعة ومعابدها هي اشبه بالصخور التي تزن الواحدة منها ألف طن تقريبا، بيد ان ذلك الزلزال هو ما يفسر وجود العديد من المغاور والكهوف المدفونة تحت الأرض، وقد تمّ اكتشاف البعض منها وأشهرها مغارة الحوت.
وتعتبر قلعة بعلبك ومعابدها من اهم المواقع السياحية في لبنان والشرق، نظرا لما تحتويه من آثار تدلل على المرحلة التاريخية والحضارات القديمة. وهي تجذب سنويا ما لا يقل عن 120 ألف سائح بحسب إحصائيات منظمة اليونسكو ، كما تقام فيها العديد من المهرجانات والحفلات الفنية.
ويستطيع الزائر قبل مغادرته بعلبك مشاهدة قبتا أمجد ودوريس، وهما عبارة عن بقايا جامعين بنيا من حجارة استخدمت من معابد بعلبك. كما بإمكان الزائر رؤية محطة القطار التي تعود إلى حقبة الثلاثينات بناها الفرنسيون في مرحلة الانتداب الفرنسي للبنان.
وتنتشر المطاعم في مدينة بعلبك، ولا سيما في منطقة رأس العين، حيث يمكن للزائر تذوق المازة اللبنانية على انواعها، والتمتع بطبيعة المنطقة التي تكثر فيها الأشجار والحدائق.