قصر بيت الدين تحفة معمارية من زمن الأمير بشير الثاني.
يعتبر قصر بيت الدين أحد المعالم السياحية في لبنان، فهو تحفة معمارية تشهد على العمارة اللبنانية في مطلع القرن التاسع عشر. بناه الأمير بشير الثاني ليكون مقرا للإمارة الشهابية، وأصبح منذ عهد الرئيس بشارة الخوري في العام 1943 المقر الصيفي لرئيس الجمهورية اللبنانية.
استغرق بناء القصر بقاعاته الواسعة عشرات السنين، وتمّ الاستعانة بعدد من المهندسين الأوروبيين والعمال المهرة لصنع المنحوتات والنقوش الهندسية والزخارف الملونة وتجميع الفسيفساء وصقل الرخام.
يتألف القصر من ثلاثة أقسام هي : الدار الخارجية، الدار الوسطى، ودار الحريم بالإضافة الى الحمامات والحدائق.
ويتم الدخول الى القصر من خلال بوابة عملاقة تقودك الى ساحة كبيرة، تُعرف بالميدان، يبلغ طولها نحو 107 أمتار، وعرضها نحو 45 مترا، وقد شهدت هذه الساحة على أمجاد الماضي وأحداثه، فمنها كانت تنطلق جيوش الامير بشير الى الحرب كما الى الصيد، وفيها كانت تقام الاحتفالات والمبارزات بين الخيّالة. وفي الميدان الشمالي جناح مؤلف من طابقين كان يعرف بالمضافة، ويتألف طابقه الأرضي من غرف معقودة، وطابقه العلوي من قاعات كانت مخصصة سابقا لإستقبال الزوار، وتحوي في أرجائها مجموعة من الفخاريات تعود الى العصر البرونزي والعصر الحديدي، فضلا عن الحلى الذهبية والزجاجيات الرومانية والنواويس الرصاصية والزخارف الاسلامية، كما تحتوي على مجموعة من الاسلحة القديمة والثياب الفلكلورية والألبسة التي تعود الى عصر الامارة.
وللولوج الى الدار الوسطى، لا بد من المرور ببوابة مزينة بالفسيفساء المرمرية وبالنقوش والزخارف المميزة التي دفعت بالبعض الى تشبيه قصر بيت الدين بقصر الحمراء الأندلسي.
ومن هذه البوابة يمكن العبور الى باحة مستطيلة تتوسطها نافورة مياه، وتحيط بها الأروقة من جهات ثلاث فيما تنفتح الجهة الرابعة على الوادي. وعلى زاويتي أحد الأروقة تقع شرفتان من الخشب المطعم والمزخرف تمكنان من بداخلهما من مراقبة ما يجري في الخارج من دون ان يراه أحد.
اما دار الحريم فهو يقع في الجهة الشمالية الغربية لباحة الدار الوسطى، ويتم الدخول إليه من خلال بوابة مزخرفة. وفي الجهة اليسارية منه جناح مؤلف من غرفة انتظار يرتكز سقفها على عامود واحد وأطلق عليها اسم "قاعة العامود"، ومن غرفة استقبال معروفة بإسم "السلملك" وهي من أكثر قاعات القصر زخرفة، فقد زينت جدرانها بالمنقوشات والفسيفساء المتعددة الالوان، فضلا عن الكثير من الأقوال والحكم. أما في الجهة المقابلة، فتقع غرفة يقال بأنه أقام فيها الشاعر الفرنسي "لامارتين". وعلى الطرف الشمالي لدار الحريم العليا، أقيمت الحمامات التي تعتبر من أجمل ما خلفته عمارة تلك الأيام في هذا المضمار.
بإختصار، يطول الحديث عن هذا القصر التاريخي، وتكثر الاشادات بجمال حدائقه ووسع ساحاته وعراقة هندسته. وما هو أكيد انه يجمع الماضي والحاضر في أرجائه، ويختصر العصور في أروقته.